وسط مخاوف إنسانية متزايدة.. دعوات لحماية المدنيين في دارفور
وسط مخاوف إنسانية متزايدة.. دعوات لحماية المدنيين في دارفور
يشهد الصراع الدائر في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع تصعيداً جديداً يُنذر بتغيير جذري في خريطة السيطرة داخل البلاد، بعد أن شنت قوات الدعم السريع، الأحد، هجوماً واسع النطاق على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في أعنف مواجهة منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023.
وأفادت مصادر ميدانية أن قوات الدعم السريع نجحت في اختراق خطوط الجيش السوداني داخل المدينة، وسيطرت على مقر الفرقة السادسة مشاة وعدد من الأحياء السكنية، لتعلن بعدها ببيان رسمي سيطرتها الكاملة على الفاشر، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس".
غير أن الجيش السوداني لم يصدر حتى اللحظة أي بيان رسمي يؤكد أو ينفي هذه الادعاءات، ما يزيد الغموض حول الوضع الميداني في المدينة التي تُعد آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور.
تحذيرات من تقسيم السودان
في حال تأكد سقوط الفاشر، فإن ذلك يعني، بحسب المراقبين، أن قوات الدعم السريع أصبحت تسيطر فعلياً على كامل ولايات دارفور الخمس، ما يفتح الباب أمام تقسيم فعلي للبلاد بين شرق يسيطر عليه الجيش وغرب تحت نفوذ قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).
ويرى محللون أن هذه التطورات تمثل أخطر مرحلة منذ بداية الحرب، وتنذر بانزلاق السودان إلى تقسيم جغرافي واقتصادي قد يصعب تداركه.
واتهمت شبكة أطباء السودان في بيان لها قوات الدعم السريع بارتكاب "انتهاكات واسعة" في مدينة الفاشر، مؤكدةً أن المقاتلين اقتحموا المستشفيات ونهبوا الصيدليات والمراكز الطبية، واعتدوا على الكوادر الصحية والمرضى، وعبثوا بمحتويات المنشآت الطبية، ما تسبب في توقف الخدمات الصحية بشكل شبه كامل.
ووصف البيان هذه الممارسات بأنها "انتهاك صارخ للقوانين والأعراف الدولية"، داعياً الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية إلى التحرك الفوري لحماية المدنيين والعاملين في القطاع الصحي، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم أمام العدالة الدولية.
مأساة إنسانية تتفاقم
وفي بيان منفصل، قال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إن الأوضاع في الفاشر بلغت "حد الكارثة"، موضحاً أن "مئات الآلاف من المدنيين محاصرون داخل المدينة دون غذاء أو ماء أو رعاية طبية، ويتعرضون للقصف والذعر الدائم مع انقطاع طرق الهروب".
وأشار إلى أن المساعدات الإنسانية عاجزة عن الوصول بسبب اشتداد المعارك، محذراً من أن استمرار القتال في المدينة سيؤدي إلى "انهيار إنساني تام" في الإقليم بأكمله.
وتتزايد الدعوات الدولية المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار وفتح ممرات آمنة للمدنيين، وسط خشية من أن يؤدي استمرار المعارك إلى تهجير جديد لعشرات الآلاف نحو الحدود التشادية التي تعاني بدورها من ضغط اللاجئين المتصاعد منذ اندلاع الحرب.
وبينما تبقى الصورة الميدانية غير واضحة تماماً، يُجمع المراقبون على أن سقوط الفاشر -إن تأكد- سيكون نقطة تحول مفصلية في مسار الحرب السودانية، وقد يضع البلاد أمام واقع جيوسياسي جديد تتبدد فيه وحدة التراب الوطني لصالح خارطة نفوذ عسكرية متصارعة.
 
                 
                                        







 
                                                     
                                                     
                                                     
                                                    


